الإكراه الجنسي عبر الانترنت والابتزاز كشكل من أشكال الجريمة التي تؤثر على الأطفال
Online sexual coercion and extortion as a form of crime affecting children
لم تستطع أبداً تخيل ما يحدث لفتاة صغيرة دون السن القانوني ، عندما تعلم أنها أصبحت ضحية لمؤامرة ابتزاز مخيفة ، تجبرها على التخلي إما عن شرفها أو مالها ، فتلك شعور لا أحد يستطيع وصفه إلا من عايشه . لم تكن تعلم أبداً ما الذي يمكن أن يحدث لها وهي مازالت دون الخامسة عشر من عمرها .
لم أكن أعلم أنه سوف يستغلني ويطلب المال ، أرسلت له صوري بدافع الحب ، لم أدرك ماذا فعلت ، لم أكن أعي ما أفعل ؟ ، واستيقظت فجأة على الكارثة . ماذا أفعل ؟ أخشى الفضيحة ، وماذا أقول لعائلتي ؟
ما ذكرته الآن ، هو لسان حال الكثير من الفتيات الذين تعرضن لابتزاز الكتروني وهم مازالوا في طور النضوج ، ربما يكون ذلك بسبب سذاجتهم وصغر سنهم ، فقد استهدفت عصابات الابتزاز الإلكتروني القصّر بصورة كبيرة ، فقد كانوا من ضمن أهدافهم دائماً .
فقد احتل الابتزاز الالكتروني للأطفال ( القصّر ) المرتبة الثانية بعد النساء ، وذلك بسبب صغر سنهم وسذاجتهم وسهولة التأثير عليهم ، وإقناعهم بأي شئ ، فهم الشريحة الأكبر استخداماً للانترنت وتواجداً عليه ، ونظراً لأن الشباب في هذا السن الصغير ، يعشقون فعل كل ما هو جديد ، ويرغبون في كل ما هو ممنوع ، لذا يسهل ابتزازهم .
ويعد ابتزاز الأطفال أو القصّر واستغلالهم جنسياً ، هي من أخطر الجرائم ضد المجتمع على الإطلاق ، وذلك لأنها تستهدف تدمير مستقبل المجتمع المتمثل في شبابه وأطفاله ، لذا تعد في غاية الخطورة ، وتحتاج تكاتف المجتمع بأكمله لمحاربة هذه الجريمة .
وقد أشارت بعض التقارير الدولية على أن حوالي 2 مليون طفل ، معظمهم فتيان ، قد تعرضوا لإكراه جنسي عبر الإنترنت ، وهو ما يمكن تعريفه بأنه ” المكان الذي يُجبر فيه شخص ما على إرسال صور ذات طبيعة جنسية” ، وأن هناك أكثر من 100 ألف موقع إباحي يستغل صور لقاصرين ، حيث أن هناك عصابات دولية تدير مواقع إباحية تستهدف القاصرين وتستغلهم جنسياً وتوظفهم بأي طريقة كانت ، من أجل آخرين يدفعون لهم المال .
وحسب التقرير الصادر عن المركز القومي الأمريكي للأطفال المخطوفين والمفقودين الذي أشار إلى ارتفاع معدل استغلال القاصرين في الدعارة عبر شبكة الانترنت عالمياً .
وفي المجتمعات الشرقية والعربية ، لم تكن تلك الجرائم التي تستهدف الأطفال جنسياً شئ مألوف على مسامع الجميع ، نظراً للإطار المحافظ المحاط بالدول العربية ، لذا ربما تكون قد أهملت التشريعات العربية مثل هذا النوع من الجرائم الذي يستهدف الأطفال ، و لكن وأمام ثورة الانترنت وكثرة استهلاك الأطفال له دون محاسبة أو مراقبة لهم ، لم يكن بعيداً عنهم أن يتعرضوا لمثل هذه الجرائم .
فكثير من القصر قد خدعو من قبل هؤلاء المبتزين ، ووثقوا بهم وأرسلوا إليهم صورهم في مواضع قد تسبب لهم إحراج سواء على المستوى العائلي أو على مستوى المجتمع ، فنظراً لطبيعة مجتمعنا العربي ، الذي يعتبر أن مجرد إشاعة عن أن فتاة ما تواعد شاب ، فهي فضيحة ، فما بالك بصور ترسلها على سبيل المثال فتاة لشاب ! ، سأترك لك التخيل .
دعونا نوضح مفهوم الاستغلال الجنسي للطفل أو كما يطلق عليه “Commercial sexual Exoloitation child pornography “
هو مصطلح يشير إلى ظهور الأطفال في صور أو أفلام أو مشاهد ذات طبيعة إباحية أو مضمون جنسي بما فيها من مشاهد أو صور للاعتداء الجنسي على الأطفال . وعادة ما يظهر هؤلاء الأطفال بملابس خفيفة أو بعض الملابس أو عراة تماماً . كما يعني هذا المصطلح تصوير أي طفل بأية وسيلة كانت ، سواء كان يمارس ممارسة حقيقية أو محاكاة أنشطة جنسية صريحة ، أو أي تصوير للأعضاء الجنسية ، لإشباع الرغبة الجنسية أساساً ، ويعتبر معتدياً وإن بشكل غير مباشر أي شخص يطالع صوراً إباحية للأطفال أو يحتفظ بها .
كما أن هذا المصطلح يشير إلى دعارة الأطفال واستخدامهم في الأعمال الإباحية والسياحة الجنسية .
وهذا التعريف كما ورد نصاً في كتاب جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الانترنت للدكتور عادل عبد العال إبراهيم .
ومن هذا التعريف يتضح أن هناك قصّر يغرغر بهم من أجل ابتزازهم واستغلالهم جنسياً لربح المال من ورائهم ، وذلك من خلال عصابات منظمة تستهدف أجسادهم أو صورهم .
وهناك من يُبتز بصوره من أجل الحصول على المال مباشرة منه ، أو من أجل إشباع رغبة جنسية ، وفي كل الأحوال لا يستطيع هؤلاء الأطفال القصر الدفاع عن أنفسهم ضد عصابات الابتزاز الجنسي ، وهو ما يضعهم تحت ضغط نفسي كبير ، وحالات اكتئاب شديدة ، وشعور بالخوف والهلع ، وصعوبة في التركيز ، والانسحاب والعزلة ، وربما إدمان المخدرات ، وهذه أمور جميعها كفيلة بتدمير مجتمع بأكمله .
ولكن ما هي الأسباب التي تجعل الأطفال تلجأ لمثل هذه الأمور ، ومن ثم تقع ضحية لجريمة ابتزاز الكتروني :
أحد أهم هذه الأسباب هي غياب الأسرة ، وعدم متابعتهم للمحتوى الذي يشاهده أبناءهم على الانترنت ، ربما هذا بسبب الفجوة بين الجيلين .
ثانياً : هو عدم وجود تشريعات ونصوص واضحة وصريحة تجرم الابتزاز الجنسي الالكتروني للأطفال ، مما يجعل المجرم يلتف حول القانون ، ويجد المخرج الذي ينجيه من العقاب بكل سهولة .
ثالثاً : صغر السن ، فيعتبر صغر السن عامل مهم ، يستغله المجرم ضد ضحيته ، لأن الضحية في هذا السن الصغير ، لا تدرك أشياء كثيرة ، منها ، كيف تلتزم بالعادات والتقاليد ، وما هي الأخلاقيات ؟ وما هي تعاليم دينهم وعلام يحثهم ؟ ، لذا يستطيع الضحية التصديق والثقة في المبتز ، وذلك لقلة خبرته وتجاربه الشخصية .
رابعاً : وهو قلة كفاءة الجهات الأمنية وعدم وجود الخبرة الكافية للتعامل مع مثل هذه القضايا ، وذلك لأنها جديدة نسبياً على مجتمعاتنا العربية ، فلم يوجد هناك متابعة للمواقع الإباحية ، والمواد التي تقدم للأطفال على المقاهي السيبرانية ، المنتشرة بصورة كبيرة ، والتي ربما تروج لمواقع ومحتويات غير لائقة .
وبعد أن عرضنا الآن تشخيص المرض فهل له من علاج ؟؟!
فكما بدأ العَرَض الأول من الأسرة سيبدأ العلاج أيضاً منها ، فالأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع ، لذا فنحن نناشد الأباء والأمهات بأن تتابع وتفحص المحتوى الذي يقدم لأبنائهم ، لأنهم مستقبل هذا الوطن ، وعليهم معرفة ماذا يتشاركون على مواقع التواصل الاجتماعي ؟ فهذا السن حرج جداً ، فالأبناء يكون لديهم شغف المعرفة والتجريب لكل شئ ، فإذا لم يتم هذا في إطار مراقبة الأسرة ، ربما تحدث لهم مشاكل لا يُحمد عقباها .
وثانياً : هو الدور الذي يقع على عاتق الدولة ، وحملات التوعية ، وعمل حلقات نقاشية داخل المدارس ، ومؤتمرات وندوات لتوعية الأبناء والطلبة ضد هذه الجرائم وما الذي يمكن أن تسببه لهم ؟ ، في إطار تربوي وتوعوي وديني ، وذلك يجب أن يتم تحت إشراف الدولة وتحت رعاية الوزارات المختصة كوزارة الداخلية ، ووزارة التربية والتعليم .
ثالثا : هو ضرورة إصدار تشريعات وعقوبات رادعة لمثل هذا النوع من الجرائم ، فهناك قصور تشريعي واضح في أغلب الدول العربية لردع هذه الجريمة التي تستهدف مستقبلنا ، فمثل هذه الجريمة تحتاج إلى عقوبات قاسية لمرتكبيها .
رابعا : تدريب عناصر الشرطة ومكاتب مكافحة الجرائم الالكترونية على كيفية التعامل مع مثل هذا النوع من الجرائم ، وتطوير الأنظمة الشرطية ، لتواكب تكنولوجيا العصر الموجودة الآن .
خامساً : تسهيل خطوط للتواصل والإبلاغ عن هذه الجريمة ، حتى يتاح للقصر سرعة الإبلاغ بسهولة ، وإرشادهم حول كيفية الإبلاغ وكيفية التعامل مع هؤلاء المجرمين حتى يكونوا في مأمن ، وذلك لأن الغالبية لا تعرف كيف تتصرف ؟ أو ماذا تفعل ؟ فيصابون بالذعر ويضطرون إلى مجاراة المبتزين .
سادساً : العمل المكثف من أجهزة الرقابة ومكافحة الجريمة الإلكترونية ، على رصد جميع المواقع الإباحية أو التي تروج لأي استغلال جنسي للأطفال وحظرها تماماً ، وذلك من أجل حماية أمنهم الشخصي .
وبذلك نكون رصدنا أغلب النقاط الهامة في هذه الجريمة الجبانة والخطيرة ، ونناشد العائلات بحسن التصرف مع أبنائهم ، والحكمة في معالجة الأمور ، ومصادقة أبناءهم في هذا السن الحرج ، وذلك كي لا يلجأوا لأساليب خاطئة ، قد تأخذ بهم وبكم إلى الهاوية .
ونحن دائما في انتظار تعليقاتكم ومشاركاتكم لنا بأي معلومة أو بقصة قد تفيد الجمهور ، نحن نبذل قصارى جهدنا لكي نساعدكم للتغلب على هذا النوع من الجرائم ، فيمكنكم إرسال استشاراتكم لنا على هذا الموقع بصفتنا جهة غير حكومية متخصصة في جرائم الابتزاز الالكتروني ، فلدنيا خبرة واسعة للتعامل مع مثل هذه الجرائم .
اتصل بنا الان > مكافحة الابتزاز