لماذا تعد المملكة السعودية هي الأكثر عربياً انتشاراً لجرائم الابتزاز الإلكتروني ؟
إذا كنت من المهتمين بالبحث أو القراءة أو الاطلاع في جرائم الابتزاز الالكتروني عربياً ، قد تصاب بالدهشة حينما تعلم أن دولة بحجم المملكة العربية السعودية هي الأكثر انتشاراً لجرائم الابتزاز الالكتروني في الوطن العربي ، وتتساءل لماذا المملكة السعودية ؟!
وأتوقع أن هذا تساؤل مشروع ومثير للاهتمام ، فمعلوم للعامة الإطار المحافظ المحاط بالمملكة العربية السعودية عن بقية الدول ليست الغربية فقط ، بل والعربية أيضاً . لذا سأهتم في هذا المقال بقدر الإمكان بتحليل الأسباب التي تجعل دولة من المفترض أنها محافظة في إطار صارم من العادات والتقاليد والتعاليم الدينية – وبرغم مرحلة الانفتاح التي تمر بها الآن إلا أنه تظل للمملكة السعودية قدسيتها – ، أن تحتل المرتبة الأولى عربياً في جريمة مثل جريمة الابتزاز الالكتروني .
فوفقاً لإحصائيات الهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي أصدرتها في كتاب جريمة الابتزاز ، حيث أظهرت الإحصائيات أن 74% من مطالب المبتزين هي مطالب جنسية ، و14 % مطالب مالية ، و12 % الباقية يكون الابتزاز فيها ، من أجل التنازل عن ممتلكات أو التنازل عن دعوى قضائية مثلاً أو غير ذلك .
وحسب ما قاله رئيس لجنة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن 90% ممن تعرضوا للابتزاز هم من النساء ويليهن قصر ثم شباب .
والأكثر من ذلك ، أن نسبة 57 % منها حدث بسبب مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج المحادثة . وهذه الأرقام في تزايد مستمر عربياً وعالمياً .
ولكن السؤال هنا ، ما الذي يجعل تلك الأرقام في تزايد مستمر ؟ لماذا ينطلي على السعوديات تلك الخدع ؟ ونحن نعلم جيدا أن السبب الأساسي لوقوع الضحية في جريمة ابتزاز تكون بسبب الضحية نفسه .
فماذا حدث في المملكة العربية السعودية ؟ هل غياب الدين هو السبب ؟ أم العنف الأسري أم الثراء أو حتى الفقر، أم غياب التربية السليمة ، أم التشدد ؟ أم عامل نفسي أم اجتماعي !!
أعلم أن كل هذه الأسباب وأكثر قد تمت مناقشتها من قبل وقُتلت بحثاً كما يقال ، ولكن أتساءل الآن وبعد الانفتاح الحاصل في المملكة العربية السعودية ، هل مجرد ظهور الفتاة الآن بلا عباءة أو حجاب لم تعد مشكلة ؟ فمن قبل كانت تعتبر فضيحة للفتاة أن تظهر بدون زيها الشرعي ، وأن مجرد المواعدة سلوك غير مقبول تماماً في المملكة االسعودية ومن المفترض أن يكون كذلك في كل وطننا العربي ، ولكن لن أتوقع أن الانفتاح الحاصل في المملكة السعودية سيغير شيء من عقلية المجتمع تجاه المرأة ولومها على كل خطأ ترتكبه سواء بقصد أو بدون قصد . لذلك أعداد جرائم الابتزاز الإلكتروني في تزايد مستمر .
وكل الأسباب التي ذكرت من قبل قد تكون مشروعة ، ولكن بالتأكيد ناقصة ، فمثلاً ما الذي يجعل فتاة تعتقد أن الشئ الصحيح هو تشدد من وجهة نظرها ؟ ما الذي يجعلها ترسل خفية صورة لها أو مقطع فيديو لشاب أو حتى تواعده وتثق به ، وربما لم تكن تعرفه من قبل أو تتواصل معه سوى من خلال رسائل الكترونية فقط ، وهي تعلم جيداً أن هذا مخالف لتعاليم دينها ؟ ، وإذا نحّينا تعاليم الدين جانباً ، فنجد أنه حتى مخالف للصواب ، والمنطق ومخالف حتى للكرامة ، وكلامي ليس للمرأة وحدها ، بل بالنسبة للرجل ، هو حتى مخالف لأساسيات الرجولة .
لذا فأنا أرى الأسباب بطريقة مختلفة ، فنحن لدينا عادة سيئة في وطننا العربي وهي :
# عادة التقليد ، هستيريا نحو الشهرة وحب الظهور وهي موجودة عند الجميع باختلاف درجاتها . فبعد الانفتاح الحاصل ودنيا الانترنت أصبحت الفتاة تريد أن تقلد كل ما تراه أصبحت مهوسة بالممنوع ، فتفضل أن تجرب كل شئ دون أن تضعه في إطاره الصحيح ووفقاً لعادات وتقاليد مجتمعها .
# عدم تقبل أن خطأ المرأة وارد ، فمن الممكن أن تخطأ إمرأة ، فتضطر في هذه الحالة أن تتمادى في الخطأ وتخرج عن ما هو مألوف ، فقط لأن هناك مجتمع لن يرحم خطأها مهما كان .
# الممنوع سيكون دائماً مرغوب . فأحيانا نتعامل مع أولادنا وبناتنا بطريقة ، أن هذا خطأ لا تفعله ، دون نقاش ، دون توضيح أسباب ، لا إهتمام بشعورهم ، لا تفسير سوى أنا الأكبر وأقول دائما الصواب ، وهذا التفسير لم يكن مقنع في أي وقت من الأوقات لأبنائنا ، لذا يضطر التصرف بطريقته ، لذا فإن طريقة التعامل والتربية الخاطئة تكون من أوائل الأسباب لفعل الخطأ دائماً . وغالباً ما تكون الأسباب هي مشاكل أسرية تجبر الضحية عن الخروج عن طور المألوف ومن ثم الوقوع في فخ الابتزاز.
وهذه بالطبع ليست جميع الأسباب ، فأنا لا أظن أن الثراء أو الفقر أو غياب التدين أو عامل نفسي أو اجتماعي أو الانفتاح على عالم الانترنت هي أسباب في حد ذاتها ، ولكن طريقة تعاملنا مع الأمور هي الخطأ ، طريقة استعمالنا للأشياء هي الخطأ ، حتى أن اهتماماتنا هي خطأ ، وهذا ما جعلنا وطن مستهلك وليس منتج ، نتسابق في زيادة معدلات الجرائم .
في هذا المقال حاولت أن أوضح بعض النقاط الخفية ، أن أرى الصورة بشكل مختلف وقد وضعت تساؤلات مهمة ، وأسباب من وجهة نظري ، ولكن لا أعلم إن كانت صحيحة أم لا فالمجتمع السعودي مجتمع منغلق إلى حد ما ، ولأننا نريد أن نبحث عن الأسباب الخفية وليست الظاهرة . فعلى كل شخص قد تعرض لجريمة ابتزاز في المملكة العربية السعودية شاب كان أم فتاة ،
شاركنا بقصتك واشرح لنا الأسباب حتى نكون على اطلاع واضح بالأسباب التى من شأنها جعلت المملكة العربية السعودية هي الأولى عربياً في جرائم الابتزاز ، التشخيص الصحيح للمرض هو أول طريق للعلاج منه . أرسل لنا حتى نُكوّن حلقة نقاشية عربية موسعة ونجد الحلول المناسبة .
اتصل بنا الان > مكافحة الابتزاز