عقوبة الابتزاز الإلكتروني في دولة فلسطين
The punishment of extortion in the State of Palestine
لم تكن دولة كفلسطين بعيدة عن جرائم الابتزاز الالكتروني ، فهي كغيرها من الدول العربية ، قد تاهت في زحمة التكنولوجيا ، وعانت من استخدام الكثيرين الخاطئ للأجهزة الالكترونية ، ولم تنجُ من الابتزاز ، فلم تتخلف تلك الجريمة عن دولة واحدة ، فهي جريمة دولية كما أوضحنا سابقاً ، وبشأن تلك الجرائم لم تكن التشريعات الفلسطينية عالجتها أو حددتها كما يجب ، وقد استغل مجرمو الابتزاز الالكتروني هذا الوضع ، وزادت معدلات جرائم الابتزاز الالكتروني في فلسطين ، فقد كانت بيئة خصبة لجرائم الابتزاز ، لا يوجد عقاب ، يستطيع المجرم التملص كما شاء .
وهذا ما تنبه إليه المشرع الفلسطيني فيما بعد ، وأدركت خطورته السلطات الفلسطينية ، فالقوانين الفلسطينية لم تكن تنص على عقوبات واضحة للجرائم الالكترونية ، كان هناك فراغ تشريعي واضح ، وأمام تزايد معدلات الجريمة الالكترونية ، ووسط ترقب واضح لآثار تلك الجريمة على الفرد والمجتمع ، أمام سيل من الانتقادات ، وصيحات الضحايا ، من أجل وجود تشريع قوي ضد جرائم الابتزاز الالكتروني ، تعاقب المبتز وتحمي الضحية .
فلم يجد المشرع مفر من وضع قانون خاص بالجرائم الالكترونية ، وهو ما صدر عن السلطة الفلسطينية ، قرار بقانون رقم (16) لسنة 2017 م بشأن الجرائم الإلكترونية .
ويجب التنويه إلى أن هذا القانون مأخوذ عن أحكام القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 م وتعديلاته ، وبعد الاطلاع على قانون رقم (74) لسنة 1963م وتعديلاته ، الساري في المحافظات الجنوبية ، وعلى أحكام قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 م وتعديلاته ، الساري في المحافظات الشمالية ، وعلى قانون رقم (3) لسنة 1996م، بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية ، وغيرها من القوانين كانت هذه أهمها .
ونجد هنا أن المشرع حاول بقدر الإمكان أن يجد بين نصوص قانونه ، حل وتفسير لكل جزئية من الجرائم الالكترونية ، ومن بينها بالتأكيد جرائم الابتزاز الالكتروني .
نجد هنا المشرع قد وضع تعريف واضح للبيانات والمعلومات الالكترونية حيث نص في المادة الأولى على ” البيانات الالكترونية هي كل ما يمكن تخزينه أو معالجته أو إنشاؤه أو نقله باستخدام تكنولوجيا المعلومات، بوجه خاص الكتابة ، أو الصور، أو الصوت، أو الأرقام، أو الحروف، أو الرموز، أو الإشارات، وغيرها . “
المعلومات الإلكترونية : أية معلومة يمكن تخزينها ومعالجتها وتوريدها ونقلها بوسائل تكنولوجيا المعلومات بوجه خاص بالكتابة، أو الصور، أو الصوت، أو الأرقام، أو الحروف، أو الرموز، أو الإشارات، وغيرها .
وقد وضع المشرع عقوبات رادعة لكل من اعتدى على أي معلومات أو بيانات شخصية لأي فرد ، أو نشرها للنيل منه ، مالياً أو جنسياً .
وقد نص في المادة ( 4 ) فقرة ( 1 ) على “ كل من دخل عمداً وبدون وجه حق بأية وسيلة موقعاً إلكترونياً، أو نظاماً، أو شبكة إلكترونية، أو وسيلة تكنولوجيا معلومات، أو جزء منها، أو تجاوز الدخول المصرح به، أو استمر في التواجد بها بعد علمه بذلك، يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تقل عن مائتي دينار أردني ولا تزيد على ألف دينار أردني أو بالعقوبتين كلتيهما . “
وقام المشرع بتغليظ العقوبة في الفقرة ( 3 ) من نفس المادة حيث نص على “ إذا ترتب على الدخول إلغاء بيانات أو معلومات إلكترونية مخزنة في النظام المعلوماتي، أو حذفها، أو إضافتها، أو إفشاؤها، أو إتلافها، أو تدميرها، أو تغييرها، أو نقلها، أو التقاطها، أو نسخها، أو نشرها، أو إعادة نشرها، أو ألحق ضرراً بالمستخدمين أو المستفيدين، أو تغيير الموقع الإلكتروني، أو إلغاؤه، أو تعديل محتوياته، أو شغل عنوانه أو تصميماته أو طريقة استخدامه، أو انتحال شخصية مالكه أو القائم على إدارته، يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألف دينار أردني، ولا تزيد عن خمسة آلاف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً . “
وحسب المادة ( 16 ) فقد عاقب القانون بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار أردني ولا تزيد عن خمسة آلاف دينار أردني، أو بالعقوبتين كلتيهما ، كل من أنتج ما من شأنه المساس بالآداب العامة، أو أعده أو هيأه أو أرسله أو خزنه بقصد الاستغلال، أو التوزيع أو العرض على غيره عن طريق الشبكة الإلكترونية، أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات، أو الرسوم المتحركة .
وقد قام المشرع بتشديد العقوبة إذا كان المحتوى موجه لطفل إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار أردني ولا تزيد على عشرة آلاف دينار أردني، أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً .
ولم يشأ المشرع أن يترك الجهات المختصة المعنية بالجرائم الالكترونية دون أن يشر لها فقد حددها في المادة (3) ، حيث أشار المشرع إلى ضرورة إنشاء وحدة متخصصة في الجرائم الإلكترونية في الأجهزة الشرطية وقوى الأمن على أن تتمتع بصفة الضابطة القضائية، وتتولى النيابة العامة الإشراف على مأموري الضبط القضائي كل في دائرة اختصاصه.
وعلى النيابة العامة والمحاكم النظامية أن تتولى ، وفقاً لاختصاصاتهما ، بالنظر في دعاوى الجرائم الإلكترونية .
وعند النظر إلى العقوبة التي حددها القانون لمن يرتكب هذه الجرائم من خارج الدولة ، فقد نص على أن هذه العقوبات تطبق أيضاً في حالة ، إذا ارتكبت كلياً أو جزئياً داخل فلسطين أو خارجها، أو امتد أثرها داخل فلسطين، سواء أكان الفاعل أصلياً، أم شريكاً، أم محرضاً، أم متدخلاً، على أن تكون الجرائم معاقباً عليها خارج فلسطين مع مراعاة المبادئ العامة الواردة في قانون العقوبات النافذ .
مع جواز ملاحقة كل من يرتكب خارج فلسطين إحدى الجرائم المنصوص عليها بهذا القرار بقانون ولكن وفقاً لثلاث شروط معينة :
أ. إذا ارتكبت من مواطن فلسطيني .
ب. إذا ارتكبت ضد أطراف أو مصالح فلسطينية .
ج. إذا ارتكبت ضد أطراف أو مصالح أجنبية من قبل أجنبي أو شخص عديم الجنسية يوجد محل إقامته المعتاد داخل فلسطين، أو من قبل أجنبي أو شخص عديم الجنسية وجد في الأراضي الفلسطينية، ولم تتوافر في شأنه شروط التسليم القانونية .
وبهذا يكون المشرع الفلسطيني ، في محاولة منه لسد الفجوات والثغرات التشريعية ، التي كانت تعيق من قبل مكافحة هذا النوع من الجرائم في دولة فلسطين ، فبهذا التشريع لن يكون من الصعب أبداً ، معاقبة المجرمين وتتبعهم ، وحماية الضحية من أي اعتداء على خصوصيته ، ضمن آليات سرية كاملة ، فكل ما يقع على عاتق الضحية هو التبليغ ، واتباع التعليمات .
اتصل بنا الان > مكافحة الابتزاز